السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المسرح العراقي في ضيافة جمعية المترجمين العراقيين
بحضور السادة رئيس وأعضاء الهيئة الإدارية لجمعية المترجمين العراقيين نظّمت جمعية المترجمين العراقيين يوم السبت 19-01-2018 ندوة ثقافية ضيّفت فيها الفنانة المسرحية العراقية أحلام عرب بعنوان ” بين بغداد ولندن: تجربتي في الأخراج المسرحي” على قاعة عناد غزوان إسماعيل في مقر الجمعية.
حضر الندوة جمع غفير من المهتمين بالشأن المسرحي العراقي في مقدمتهم الفنان سامي عبد الحميد والدكتور ميمون الخالدي والأستاذ قيس جوامير والأستاذ حافظ العادلي والأستاذ فارس الماشطة فضلا عن أعضاء جمعيتنا العزيزة من الاكاديميين والمترجمين.
أدار الندوة الدكتور قاسم ألأسدي رئيس جمعية المترجمين العراقيين.
بدأ الدكتور الأسدي الندوة بالترحيب بالضيوف الكرام وفي مقدمتهم الفنان الكبير سامي عبد الحميد وشكرهم على حضور الندوة والمساهمة فيها.
ومن ثم قدم الدكتور قاسم عرضا تقديميا تحدث فيه عن نشأة المسرح العراقي وتطوره وأهم التحديات التي تعرض لها الفنان المسرحي العراقي مرورا بالتحولات الفكرية والتغييرات التي عصفت بالمسرح العراقي. بعد ذلك استعرض الدكتور الأسدي أهم الفرق المسرحية العراقية بدء من ثلاثينيات القرن العشرين وصولا الى الوقت الحاضر . وأضاف الاسدي بأن جذور المسرح العراقي تعود الى الثلث الأخير من القرن التاسع عشر حينما عني الآباء المسيحيون بالمسرح ، وعملوا على خلق حركة مسرحية في نطاق المدارس المسيحية لبث التعاليم الدينية والأخلاقية بين رعاياهم ، واستمدوا أحداث مسرحياتهم من ( الكتاب المقدس ) لغرس الإيمان في نفوس رعاياهم وتنويرهم بالتعاليم المسيحية ، مضيفا بأن أول نصوص وصلت إلينا في العراق تعود إلى الأب القس ( حنا حبش ) ويعود تاريخ الانتهاء من كتابتها الى عام 1880 ، وهو التاريخ الذي ثبت على الصفحة الاولى من المخطوطة ، وهذه المسرحيات هي :**
1- كوميديا آدم وحواء*
2- كوميديا يوسف الحسن*
3- كوميديا طوبيا*
وتعد هذه المسرحيات الثلاث البذرة الأولى في التأليف المسرحي في العراق.* وقال الاسدي بأن تجربة ( نعوم فتح الله سحار ) في كتابته مسرحية ( لطيف وخو شابا ) في عام 1893 تعتبر من التجارب الريادية المهمة في المسرح.
**
وعن حركة المسرح في* بغداد – قال الدكتورس ألاسدي أن حركة المسرح نشطت في بداية القرن العشرين في تقديم العديد من العروض وكذلك في استقبال فرق مسرحية معروفة حينذاك في اطار الاستفادة من التجارب المسرحية الخارجية منها تجربة مصر في المسرح، اذ زارت فرقة جورج ابيض بغداد عام 1926 وكذلك فرقة يوسف وهبي وفرقة فاطمة رشدي وعزيز عيد عام 1929 وقد كان لتلك الزيارات أثر شديد وايجابي على مجمل النشاط المسرحي لتلك المرحلة .
وتطرق الاسدي الى حقي الشبلي ودوره في التأسيس للمسرح العراقي وبخاصة بعد عودته من باريس عام 1939 ومعها بدأت مرحلة جديدة للمسرح في العراق و هي المرحلة الذهبية التي نمت وتطورت وازدهرت حتى عام 1968 وليحقق المسرح العراقي بعد ذلك نجاحات كبيرة . وكانت باكورة اعمال حقي الشيلي.تأسيس معهد الفنون الجميلة .**
ثم استعرض الاسدي أهم الفرق المسرحية العراقية وأولها الفرقة التمثيلية العربية التي تأسست عام 1927 والفرقة الوطنية لعام 1927 وفرقة احياء الفن والفرقة العصرية وفرقة بابل وفرقة أنوار الفن وجمعية التمثيل والسينما والفرقة الشعبية للتمثيل وفرقة المسرح الحر وفرقة بغداد الفنية وفرقة المسرح الحديث وفرقة مسرح بغداد وفرقة مسرح اليوم وفرقة مسرح النجاح وفرقة شهرزاد وفرقة اتحاد الفنانين وفرقة العراق المسرحية وغيرها من الفرق.
1. وعن أهم التحولات الفكرية للكاتب المسرحي العراقي تحدث الأسدي قائلا بأن الكاتب المسرحي العراقي بات مخاطباً لهموم الشارع العراقي بمخاضات وتحولات فرضتها عليه الثورات والحروب والحياة المتذبذبة , وأصبح المسرح العراقي اكثر التصاقاً بالمجتمع وحاجاته واوسع تأثيراً على طبائع الافراد وسلوكهم من خلال عدة تجارب فضلا عن بروز عدة ظواهر جديدة كظهور المسرحيات المترجمة لكل من (شاكر خصباك) و سعاد الهاشمي) و (صالح مهدي شريدة) مرورا بمرحلة لاصدارات المسرحية المتنوعة سواء تلك التي جائت من (سوريا و لبنان و مصر) ام تلك التي ظهرت في العراق, اذ كانت سلسلة المسرحيات المؤلفة والمترجمة خير معين لكتاب المسرح لتعلم تقنيات الكتابة المسرحية .
ومن ثم انتقل الدكتور الاسدي لتقديم نبذة عن حياة الفنانة احلام عرب الحاصلة على دبلوم فنون مسرحية في العام 1979 وأنجزت ما يقارب 66 عمل بين تمثيل واخراج وتقنيات. وبعدها سافرت الى لندن للالتحاق بأكاديمية لمادا ( أكاديمية لندن للموسيقى والفنون) وفي لندن اشتركت في عدة أعمال شكسبيرية في مهرجان كامبردج السنوي لتعود الى الوطن في الفترة ما بين 1985-1999 حيث ساهمت في تفعيل فرقة النصر للطفل وقدمت اكثر من 13 عمل للطفل. كما شاركت في تأسيس فرقة لدور الدولة وتقديم مسرحية النهر والبستان بكوادر من دور الدولة فضلا عن الاشتراك باعمال مسرحية عالمية ومحلية وتقديم أكثر من اربعين عمل منها الباب والاستيقاظ والتوأمان والمجنونة. عادت بعد ذلك الى لندن للاهتمام بالمسرح الجماهيري الشبابي.
بعدها تحدثت الضيفة الفنانة المسرحية أحلام عرب عن تجربتها المسرحية الثرية التي قسمّتها الى ثلاث مرحل هي:
1- مرحلة المعهد أو المرحلة التأسيسية
2- مرحلة بغداد
3- مرحلة الغربة
عن مرحلة المعهد قالت أحلام أن هذه المرحلة هي من أهم المراحل التي ساعدتها في الدخول الى عالمي التمثيل المسرحي والإخراج المسرحي في فترة كبار الفنانين العراقيين الذين كانوا زملاء لها في دورة دراسية واحدة. وأضافت بأن عدد نتاجاتها المسرحية بين تمثيل وإخراج فاق الستين مسرحية رغم المنافسة الإبداعية من زملائها المبدعين.
وتحدث الدكتور ميمون الخالدي وهو زميل الفنانة أحلام عرب وقال بأن وجود أحلام عرب – الفتاة الوحيدة بين أكثر من ثلاثين فنان منحها فرصة للابداع لانها كانت حاضرة دوما في كل الاعمال المسرحية التي يتم عرضها سواء تمثيلا أو أخراجا. وأضاف الخالدي بأن التنافس الذي كان سائدا آنذاك بين الزملاء كان تناقسا أبداعيا. وتمنى ميمون الخالدي النجاح المستمر للفنانة أحلام عرب.
أما عن مرحلة بغداد فقالت أحلام ان هذه المرحلة أيضا شهدت تجارب لها في التأليف المسرحي والإخراج ومثلّت بلورة لنجاحاتها في مرحلة المعهد من حيث الكم والعدد لتلك التجارب. الطفل كان حاضرا في مسيرة أحلام التي سعت جاهدة لتأسيس مسرح للطفل هي والفنان قيس جوامير- رئيس الصالون الثقافي العراقي المستقل- الذي تحدث هو الأخر عن مسيرة أحلام المسرحية وعملهما المشترك في تأسيس مسرح للطفل. وأضاف جوامير بأن أول مسرح للطفل قد تأسس على يديهما في حديقة الزوراء بإمكانات بسيطة الا ان المسرح تم ازالته من قبل الجهات المختصة في حديقة الزوراء.
بعدها انتقلت الفنانة أحلام للحديث عن مسرح الغربة في لندن والتي وصفتها بأنه مرحلة ثرية جدا وتجربة جديدة بالنسبة لها و تخللتها تجارب في التأليف والترجمة والتمثيل باللغة الإنكليزية. كما اضافت الفنانة انها سعت جاهدة لتأسيس مسرح للشباب في لندن – ونجحت في ذلك رغم قلة التمويل وعدم وجود مكان لهذا المسرح الامر الذي دفعها لاستئجار مكان لتقديم العروض المسرحية التي تشرف على إخراجها. وأضافت أحلام بأنها قدمّت اعمال بكادر أغلبيته من هواة المسرح منها ” ديمقراطية ونص” و ” أيام الاسبوع” و ” احنا السبب.” ثم عرّجت على تجربتها في اخراج المسرحيات التي تستهدف الجيل الثالث من المغتربين الذين لا يجيدون اللغة العربية وقالت بأنها تعاملت مع الجمهور من الجيل الثالث بطريقتين: الاولى عن طريق تقانة الراوية التي كانت تترجم النص المسرحي والطريقة الثانية هي أن تقوم ممثلة بتأدية المشهد باللغة الانجليزية.
وقد عززت الفنانة أحلام عرب حديثها بعرص صور موثقة عن مسريتها المسرحية وصورا أخرى لاهم المسرحيات والادوار التي لعبتها في حياتها المسرحية.
ومن ثم تحدث السيد حافظ العادلي الذي كان هو الأخر زميلا لاحلام عرب وأثنى على مثابرتها وحرصها على صقل موهبتها المسرحية والاخراجية – متمنيا لها المزيد من النجاحات . وقد قدم الشكر لجمعية المترجمين العراقيين على مبادرتها في تبني هكذا فعاليات ثقافية.
الاستاذ سامي عبد الحميد – عميد المسرح العراقي- الذي أحيا الجلسة الثقافية بحضوره تحدث هو الآخر عن أحلام عرب الفنانة ووصفها بأنها فنانة مثابرة وجادة وحريصة على العمل الفني المسرحي. كما أضاف بأنه يعمل على عرقنة شخصية الليدي ماكبث – من مسرحية ماكبث للكاتب المسرحي شكسبير- بعد أن اتفق مع أحلام على تأدية هذا الدور. كما أثنى المسرحي الكبير سامي عبد الحميد على العرض التقديمي لنشأة المسرح العراقي الذي قدمه الدكتور قاسم الآسدي مضيفا أن من بين الفرق المهمة التي لعبت دورا مهما في تطور المسرح العراقي هي فرقة بغداد. وتحدث أيضا الفنان الكبير سامي عبد الحميد عن الاعمال المترجمة التي قام بها ووعد بأن يقدم ندوة عن تجربته المسرحية والترجمية في جمعية المترجمين العراقيين في شهر آذار القابل.
بعد ذلك فتح باب المداخلات لجمهور الحاضرين من الفنانين والمترجمين والاكاديمين الذين أغنوا الندوة في مداخلاتهم وأثنوا على جمعية المترجمين العراقيين ممثلة بهيئتها الادارية على تبنيها النشاطات والملتقيات الثقافية التي من شأنها تعزيز وتطوير الواقع الثقافي في العراقي ولا سيما الواقع الترجمي.
وفي الختام قدّم الاستاذ ربيع عامر عضو الهيئة الادارية شهادة تقديرية الى الفنانة أحلام عرب تثمينا لجهودها. وتم التقاط صورا جماعية تذكارية.