الأمثال والحكم السومرية

الأمثال والحكم السومرية

كتاب جديد للدكتور قاسم الأسدي.

تقديم الدكتور خزعل الماجدي

أول دراسة عربية عن الأمثال السومرية.

الكتاب ضمن منشورات مؤسسة أبجد للترجمة والنشر.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رمضان كريم عليكم وعلى الأهل جميعاً. أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات وتقبل الله طاعاتكم وصالح الأعمال.

صدر للدكتور قاسم الأسدي كتاب جديد يحمل عنوان ” الأمثال والحكم السومرية” بالتعاون مع مؤسسة أبجد للترجمة والنشر. قدّم للكتاب الدكتور خزعل الماجدي البروفسور في علم السومريات ودراسات بلاد ما بين النهرين.

وتطرق الدكتور خزعل الماجدي في مقدمته إلى أهمية هذا العمل الكبير الذي وصفه بأنه إضافة نوعية للكتب المعنية بالتراث السومري. وجاء في تقديم الدكتور خزعل الماجدي:

” هذا الكتاب إضافة نوعية للكتب المعنية بالتراث السومري ، فهو يتناول حقلاً نادراً من ثقافة الحكمة والأدب والسخرية والمفارقة ، وهو حقل الأمثال ، والذي يرتبط بالثقافة الشعبية للناس ويعكس فهمها للحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية آنذاك ، ويجيء هذا الكتاب بعد فقرٍ شديد ، في حقله ، فلم نكن نعرف ، بالعربية ، عنه إلاً مجموعة قليلة من الأمثال ، بعضها كان من تراث الأمثال الرافدينية بالأكدية ، لكننا الآن أمام ما يقرب من 617 مثل سومري ، وليس هناك كنزٌ أثمن من هذا .

يقدم مترجم ومعدّ الكتاب الدكتور قاسم الأسدي إضافة نوعية أخرى ، حين دأب ، في الفصلين الأول والثاني ، على ترجمة وإعداد الدراسات الأجنبية عن الأمثال السومرية وأضاء مساحة معرفة واسعة بها ، فقد وضع ( نيك فيلدز ) ، في الفصل الأول ، تفسيراً غريباً جديراً بالفحص والمناقشة حين رأى أن الأمثال السومرية ” تمثل أمثالًا حقيقية كانت تستخدم في اللغة السومرية اليومية والتي تشفر النظرة الأخلاقية لمتحدثيها. وتزعم هذه المساهمة أن الحكمة المجسدة في الأمثال هي حكمة مدرسة الكتابة البابلية القديمة حيث تم نسخها. ولم تكن هذه الحكمة مرتبطة بالتعاليم الأخلاقية، بل كانت مرتبطة بمعرفة عميقة باللغة السومرية ونظام كتابتها وتراثها الأدبي” . وهذا يعني أن الأمثال السومرية ظلت تستخدم بلغتها كنوع من الأدب الباطني في التاريخ والأدب البابلي اللاحق لها .

أما في الفصل الثاني فكانت دراسة مميزة ل ( جون دينس ) كشفت عن سعة مواضيع الأمثال ، وقامت بتحليلها حسب هذه المواضيع .

الفصل الثالث من كتاب الأمثال السومرية ترجمة كاملة لهذه الأمثال ال617 مثلاً ، وهي أمثال منتخبة من مجموعات الأمثال الثمانية وعشرين التي تضم كامل الأمثال السومرية حسبما جمعها ( بندت ألستر) وقسمها بحسب المواضيع ووضعها في فئات كي يتمكن القارئ من التعرف على أهمية كل فئة أو موضوع وعلاقته بالمجتمع السومري.

وقد أدهشتني قراءة هذه الأمثال ولامست شغاف قلبي ، لكنها أيضاً جعلتني أفكر في طبيعتها (الشعرية ) التي وجدتها واضحة ساطعة ، وتماديت أكثر في تصوري لهذه الأمثال ذات الطبيعة الشعرية وقارنت تركيبها وطريقة ومضتها الشعرية بأشهر الفنون اليابانية الشعرية الحديثة المتأخرة وهو فن الهايكو ، الذي بدأ في اليابان في النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي ، ومن المستحيل تصور التأثير المباشر بينهما بسبب الفاصل الجغرافي والزمني الكبير، لكن المقارنة ممكنة .

هذه ملاحظة عابرة أضعها بين يدي القارئ الكريم ولا أرها مُلزمة لأحد ، لكنها لافتة للانتباه .

تُضيء الأمثال السومرية مساحة واسعة من العقل ومن الحكمة والخيال ، ونرى في ثرائها قيمة إنسانية عالية ، فضلاً عن القيمة الأدبية والفكرية لها .

ويختتم الدكتور الماجدي تقديمه للكتاب بالقول:

” هذا الكتاب سيبقى لزمنٍ طويلٍ يتصدر اهتماماتنا بجانب مهم من جوانب الحضارة السومرية في استبطانه الشعبيّ الفذ لحياة الناس وطريقة تفكيرهم ، وأتمنى أن يكون فاتحة لترجمة كتبٍ نوعية قادمة من كنوز الأدب السومري الذي أسس لأقدم آدب بشري في التأريخ. “

*********

يقدم الكتاب الحالي الذي يضم ( 5 ) فصول ترجمة للأمثال السومرية استناداَ إلى مجموعات الأمثال التي وضعها بندت ألستر Bendt Alster في كتابه ” أمثال سومر القديمة Proverbs of Ancient Sumer (1997) والتي يبلغ مجموعها (28) مجموعة من الأمثال.

يقدم الفصل الأول من الكتاب دراسة تحمل عنوان ” الأمثال السومرية بوصفها أدب الحكمة ” للكاتب نيك فيلديز من جامعة كاليفورنيا. وفيها يتحدث فيلديز عن مجموعات الأمثال السومرية التي وضعها ألستر وكيف كانت هذه الأمثال تستخدم بالفعل في اللغة السومرية اليومية لتعكس النظرة الأخلاقية لمتحدثيها، مسلطاً الضوء على الحكمة المتجسدة في تلك الأمثال التي برأيه لم تكن مرتبطة بالتعاليم الأخلاقية فحسب ولكن كانت أيضا على صلة وثيقة باللغة السومرية ونظام كتابتها وتراثها الأدبي.

ويقدم الفصل الثاني للكتاب عرضاَ للأمثال السومرية وأهميتها في دراسة المجتمع السومري وتسليط الضوء على العلاقات الاجتماعية وأدب الحكمة والوضع الاقتصادي السائد ومكانة الحيوان في المجتمع السومري وأهمية الفرد المنتج في المجتمع وعلاقته بالآلهة وغيرها من الجوانب المهمة. ويحتوي هذا الفصل مقالة بعنوان ” أمثال سومرية مختارة” للكاتب جون دينيس هاريس John Dennis Harris ويسلط فيها الضوء على المجموعات الستة الأولى من مجموعات الأمثال السومرية المستقاة من مجموعة النصوص الإلكترونية للأدب السومري ETCSL. ويقسم هاريس الأمثال السومرية إلى فئات بهدف تسليط الضوء على بعض خصائصها كأمثل الحكمة العميقة وأمثال الحكمة العملية وأمثال اللعنات والبركات وأمثال عن الظروف الاجتماعية والفقر والثروة وأمثال عن الخبز والأسرة والزواج وأمثال عن الحيوانات وغيرها من الفئات.

أما الفصل الثالث من هذا الكتاب، فيقدم للقارئ العزيز الأمثال السومرية التي تُرجمت بالكامل دون أي نقص أو أسطر مفقودة أو مجزأة أو أقسام ضائعة. ويبلغ مجموع هذه الأمثال 617 مثلاً وهي أمثال منتخبة من مجموعات الأمثال الثمانية وعشرين التي تضم كامل الأمثال السومرية حسبما جمعها الستر والموجودة في القسم الأخير من هذا الكتاب. وحرص معد الكتاب على تقسيم هذه الأمثال بحسب المواضيع ووضعها في فئات كي يتمكن القارئ من التعرف على أهمية كل فئة أو موضوع وعلاقته بالمجتمع السومري. وأقسام هذا الفصل هي:

1- أمثال عامة.

2- حكم ونصائح عامة.

3- أمثال عن الأسرة والزوج والزوجة

4- أمثال عن القدر

5- أمثال عن الفقر والفقراء.

6- أمثال عن الكَتَبَة.

7- أمثال عن الحيوانات.

8- أمثال عن القصر.

9- أمثال عن اللصوص والمكر.

10- أمثال عن المعاقين.

11- أمثال عن كهنة الرثاء.

12- حكم عامة.

13- أمثال من نيبور.

14- أمثال من سوس.

15- أمثال من أوريم.

16- أمثال من نيبور.

ويتقدم القسم الخاص بـالأمثال عن الحيوانات مقال بعنوان ” الحيوانات في الأدب السومري” للباحث سيث ريتشاردسون Seth Richardson من جامعة شيكاغو ويتحدث فيه عن دور الحيوانات في الأدب السومري عموماً وفي الأمثال السومرية خصوصاً. ووفقا للكاتب ريتشاردسون فان الحيوانات في بعض أنواع الأدب السومري (على الأغلب في الفترة ما قبل عام 1800 قبل الميلاد )، غالبًا ما كانت تتصرف كما يفعل البشر، ككائنات واعية وعاقلة. وفي الأساطير والأمثال والنصوص البلاغية والديالكتيكية (ونادرًا ما تكون في الترانيم)، كانت الحيوانات السومرية (وأحيانًا حتى النباتات والصخور) تتحدث وتتصرف وتنصح وتبدي مشاعرها. كما ظهرت الحيوانات كمحاورين حكماء وذوي سلطة، وكائنات قادرة على التعامل مع نقاط ضعف الإنسان (الجشع والشهوة والغباء) وكذلك فضائله (الصدق والإخلاص والتقوى). وقد وهب المؤلفون السومريون الحيوانات القاطنة في الطبيعة قدرات البشر ووعيه: فكانت الثعالب والضفادع والأنهار تتحدث مع الآلهة، وكانت الكلاب تذهب إلى الحفلات، وكانت الماعز تتفاوض مع الأسود. كانت كل هذه الأدوات، كما هي الحال في أساطير العديد من الثقافات، بمثابة استعارات للمجتمع البشري تسعى لتعليمهم ورفع الوعي لديهم، إذ كانت الحيوانات تتقمص دور الناقد والمعلم.

ويضم الفصل الرابع مجموعة من الأمثال والحكم العامة وأمثال من نيبور وأمثال من أوريم وأمثال من سوس.

ويقدم الفصل الخامس والأخير للكتاب مجموعات الأمثال السومرية الكاملة من (1-28) مجموعة وفقاً لما جمعها بينديت ألتسر وكما تظهر في مجموعة النصوص الإلكترونية للأدب السومري ETCSL. ويقدم هذا الفصل ترجمة كاملة لمجاميع الأمثال من المجموعة (1) إلى المجموعة (28) مع الإشارة إلى مصدرها والقسم الذي تظهر فيه والأجزاء والأسطر المفقودة ، بهدف وضعها أمام القارئ والباحث الأكاديمي الراغب في استخدامها كمصادر لدراساته في هذا الحقل.

كتابنا الحالي الذي نضعه بين يدي القارئ العزيز هو الكتاب الثامن في مؤلفاتنا عن بلاد ما بين النهرين وحضاراتها بعد كتبنا السابقة ( إنخيدوانا: شاعرة سومر، تابوتي البابلية أول صانعة عطور وكيميائية في التاريخ، قبسات من فضل بلاد الرافدين على البشرية، نصوص دينية سومرية، الآشو والأشيبو أول طبيبين عرفتهما البشرية، أول منظومة عدل عرفتها البشرية، و فن الخطابة العامة والبلاغة في بلاد الرافدين القديمة.)

وتأتي أهمية هذا الكتاب أيضا من كون هذه الأمثال تقدم دراسة كاملة وشاملة لطبيعة المجتمع السومري. ويُعد مرجعاً مهماً جداُ للباحثين وطلبة الدراسات العليا والمهتمين بالدراسات السومرية.