انطلاق الموسم الثقافي الثاني لجمعية المترجمين العراقيين بمحضارة بعنوان:
المترجمون المسلمون واليهود في الأندلس
ضيّفت جمعية المترجمين العراقيين يوم السبت 14-04-2018 السيد فليح الميّالي في ندوتها الثقافية الأولى من الموسم الثقافي الثاني والتي كانت بعنوان (المترجمون المسلمون واليهود في الأندلس ). أدار الندوة الدكتور قاسم الأسدي.
في بداية الندوة تحدث الميّالي عن حالة التسامح والتعايش التي كانت سائدة في الأندلس منذ بدايات الفتح الإسلامي. ثم تحدث الضيف الكريم عن مرحلة تأسيس خلافة قرطبة وانشاء المراكز الحضارية التي سادت فيها توجهات العرب الفكرية فكانت أهمية اللغة العربية وشعرها وقواعدها في قلب الحضارة الإسلامية فضلا عن الانفتاح على تاريخ العصور القديمة وفلسفتها الى جانب الرياضيات والعلوم. وأضاف المحاضر الكريم بأن العرب في قرطبة تمكنوا من نقل جزء كبير من التقاليد الإمبراطورية والفنية من بغداد الى اسبانيا. وعن اليهود ذكر الميّالي بأنهم عملوا على تطوير ثقافة مستقلة وسلطة تلمودية محلية ولكن بتأثير اللغة العربية هناك شرع اليهود الى اختبار اشكال ثقافية جديدة في اللغة العبرية فاهتموا بالشعر والالسنية والفلسفة والرياضيات الى جانب اهتماماتهم التقليدية بالعهد القديم والدراسات التلمودية. وتطرّق الضيف الكريم الى أنه الى جانب قرطبة الشهيرة التي كانت مركزا للثقافة الاندلسية، برزت مراكز أخرى للحضارة الإسلامية مثل اشبيليا وغرناطة وملقا.
بعدها تحدث الميّالي عن اهتمام العرب باللغة العربية والشعر بالدرجة الأساس وبفضل ذلك تطورت الثقافة اليهودية لتأخذ اتجاهات عدة – اذا سرعان ما أكتشف اليهود أن الالمام باللغة العربية يشكل شرطا لا بد منه للوصول الى الوظائف العامة والحصول على ترقية سياسية. وأضاف الضيف الكريم أن اليهود في اسبانيا – من أجل ذلك- ساهموا في نشر العلوم العربية عبر ترجمة المؤلفات العلمية من العربية الى العبرية.
مدرسة طليطلة للترجمة
بعد ذلك انتقل السيد الميّالي للحديث عن مدرسة طليطلة للترجمة التي تأسست في القرن العاشر وازدهرت في زمن الفونسو العاشر الذي كان يعرف أيضا باسم الفونسو الحكيم.
وتطرق المحاضر الى أهم المترجمين في مدرسة طليطلة وذكر منهم المترجم جيراردو ديرموكونا الذي ترجم العديد من الاعمال الطبية الى اللغة اللاتينية وعن المجموعة اليهودية ذكرالمترجم ربيع زاك يهوذا بن موسى هاكوهن وكذلك صامؤيل هالفي الذي ترجم من العربية الى اللاتينية.
وانتقل الميّالي الى دور ابن داوود وهو متكلم عربي يهودي وكان يقوم بقراءة النص باللغة العربية ومن ثم يقوم بتفسيره كلمة كلمة والذي يعود له الفضل في نقل المصطلحات الى اللغة اللاتينية.
وعن اللغة الأساسية التي كان يترجم اليها قال الميّالي ان اللغة القشتالية هي اللغة التي كان يترجم اليها وهي كانت في ذلك الوقت لغة وليدة دون تقليد ادبي أو مصطلحات مهمة وأن أغلب المصطلحات انتقلت اليها من اللغة العربية.
وتطرق المحاضر أيضا الى ما قامت به مجموعة المولدين والاسبان المستعربين في الترجمة والذي تمثل بترجمة الكتب من الاغريقية الى اللغات الأخرى والترجمة من اللغة العربية الى لغات اوربية أخرى رغم ان بعض الكتب العربية التي ترجم منها لم يتم العثور عليها وما عثر عليه هو فقط الترجمة الى اللغة القشتالية.
وعن المترجمين في القرن الثاني عشر قال الميّالي انهم ينقسمون الى مجموعتين:
1- المترجمون اللاتينيّون من النخبة المثقفة غير المنتمين الى شبه الجزيرة الآيبيرية وكان أغلبهم من علماء اليهود الذين يجيدون اللغة العربية والفلسفة والعلوم الإنسانية الأخرى.
2- الالفونسيون الذين شاركوا في مشروع ترجمي موّله الفونسو العاشر شخصيا خلال القرن الثالث عشر.
وقد لجأ المترجمون – بحسب المحاضر- في تلك الحقبة الى التكاتف والعمل الجماعي المثمر بين أصحاب جميع التخصصات لغياب المعاجم المزدوجة والقواميس المتخصصة فخرجت الترجمات المنجزة على قدر كبير من الأمانة العلمية والجودة الترجمية.
وعن أهم الكتب التي تم ترجمتها قال الميّالي ان المترجمين تصدواّ لترجمة مواضيع مختلفة تشمل الحرفة والأخلاق والسياسة والصحة والتغذية وعلم الفلك والتنجيم والكيمياء والسحر والطب وغيرها والتي كانت مؤثرة جدا في أوربا في العصور الوسطى. بن رشد وبن سينا وبن قرة والقصيبي والفارابي والغزالي كانوا من أهم الكتاب الذين تم ترجمة أعمالهم.
في نهاية المحاضرة فتح باب النقاش للحاضرين الذين أعنوا المحاضرة بمداخلاتهم واهتمامهم.
وقد كرمّت الهيئة الإدارية الضيف الكريم بشهادة تقديرية تثمينا لجهوده في القاء المحاضرة القيّمة.