صدور موسوعة ثورة العشرين الكبرى بأقلام أجنبية
بفضل الله و منّه صدرت هذا اليوم ” موسوعة ثورة 1920 الكبرى في بلاد الرافدين بأقلام أجنبية ” من اعداد و ترجمة الدكتور قاسم الأسدي. تتكون الموسوعة من ستة أجزاء متسلسلة هرمياً وتسلط بمجموعها الضوء على الاحتلال البريطاني لبلاد ما بين النهرين والسياسة التي إنتهجتها لحماية مصالحها الخاصة والإدارة المدنية لبلاد ما بين النهرين وفترة الانتداب وما قبله وصولاً إلى ثورة العشائر الكبرى التي إنطلقت شرارتها في منطقة الفرات الأوسط رفضاً للاحتلال والغزو البريطاني لبلاد ما بين النهرين. وما يميّز هذه الموسوعة عن كل ما كتب عن ثورة العشرين هو أنها تتحدث عن ثورة العشرين بأقلام أجنبية خالصة، أي أن ما يأتي فيها من آراء حول ثورة العشرين واسبابها ومكان إنطلاقها ورجالاتها وأهدافها التي حققتها وما ألحقته تلك الثورة من خسائر للبريطانيين ووقوفها بوجه السياسات البريطانية ورفضها للأستعمار والحكم البريطاني والإدارة البريطانية كل ذلك يأت بأقلام أجنبية إعتمدت مصادر أجنبية أهما ألارشيف البريطاني حول ثورة العشرين فضلاً عن مذكرات الحكام السياسيين وكذلك ما كتبه الغربيون عن ثورة العشرين الكبرى في بلاد ما بين النهرين. الجزء الأول من الموسوعة يحمل عنوان ” بلاد ما بين النهرين المفتاح إلى المستقبل”. و يمثل هذا الكتاب إنعكاساً لرغبة المستعمر البريطاني في السيطرة على بلاد الرافدين كونها تمثل ” المفتاح إلى المستقبل” ، اي مستقبل الأوربيين عموماً وبريطانيا على وجه الخصوص. وهو يتكون من قسمين: يتحدث القسم الأول عن بلاد ما بين النهرين وأهميتها بالنسبة للمستعمر الذي يرى بأن ما فيها من موارد وخيرات تمثل الطريق إلى المستقبل الواعد المشرق البراق بالنسبة لهم إذا ما تمكنّوا من السيطرة عليها. فقد إرتبطت بلاد ما بين النهرين والسهول المجاورة لها بأهم نقاط التحول في التاريخ. وهي تقع جغرافيًا في قلب النصف الشرقي من الكرة الأرضية ، ولعبت هذه الأراضي في كثير من الأحيان دورًا رائدًا في أنشطة العالم. فبالإضافة إلى كونها مهداً منذ آلاف السنين لعواصم إمبراطوريات العالم العظمى، فهي تمسك بمفتاح مستقبل العالم بأسره. ويتحدث القسم الثاني من الجزء الأول من الموسوعة عن الحملة البريطانية على بلاد ما بين النهرين التي أطلقها المستعمر البريطاني بين الاعوام 1914-1918 بهدف تأمين مصالحه المتمثلة بالسيطرة على النفط وخطوط المواصلات التي تؤّمن إحتياجاته من الوقود والغذاء والرجال وغيرها من الموارد. وفي أثناء تلك الحملة، قاتلت القوات البريطانية والهندية ضد الأتراك العثمانيين في بلاد ما بين النهرين وبعد العديد من النكسات والمعارك تمكنت تلك القوات من السيطرة على بغداد والذي أُعتبر بمثابة ذروة حملة طويلة و مأساوية تميزت بقتال مرير في مناخ قاسٍ لكنها، بنظر المستعمر البريطاني، حققت له أهدافاً جمة، أهمّها السيطرة على موارد بلاد ما بين النهرين. الجزء الثاني من الموسوعة يحمل عنوان ” الصراع البريطاني العثماني الألماني على المصالح النفطية وخطوط المواصلات في بلاد الرافدين 1914-1918″ وهو يسلط الضوء على صراع القوى الثلاثة على النفط وخطوط المواصلات التي من أهمها خط السكة الحديدية الذي يربط بلاد ما بين النهرين بالغرب. ويظهر هذا الجزء أن من المباديء الأساسية لبريطانيا هي أنها لا تسمح بنمو أي منافس أو مصلحة سياسية منافسة لها في منطقة الخليج عموماً وفي بلاد الرافدين بوجه الخصوص. ومن أجل الحؤول دون ذلك وبهدف تأمين مصالحها ، لا سيما في منطقة البصرة في جنوب بلاد الرافدين ، المجاورة لمصفاة نفط عبادان، استخدمت بريطانيا كل السياسات المتاحة لها وتقف على رأسها إدخال الطائرة في معاركها ضد الأتراك التي لعبت فيها القوة الجوية البريطانية دوراً كبيراً في حسم تلك المعارك لصالحها. فيما يتحدث الجزء الثالث من الموسوعة عن السياسة البريطانية والخطاب البريطاني في أثناء إحتلالها لبلاد ما بين النهرين وخصوصاً تجاه شيعة العراق. ويحمل الجزء الثالث عنوان” الخطاب البريطاني والسياسة البريطانية تجاه الشيعة في العراق”. ويستكشف هذا الجزء من الموسوعة دور القيم والخطابات الدينية الحضرية في التأثير على خطاب المسؤولين البريطانيين حول الإسلام السني والشيعي في العراق إبان فترة الانتداب المبكرة. كما يستكشف الدور الذي لعبه هذا الخطاب في توجيه القرارات السياسية للمسؤولين البريطانيين. ويزعم مؤلف الكتاب أن المسؤولين البريطانيين فكروا في الإسلام السني والشيعي ووصفوه من خلال عدسة القيم والتجارب الدينية التي قادت المسؤولين البريطانيين إلى وصف الإسلام الشيعي بأنه عرضة للثيوقراطية والتعصب الديني والفكري ، وهي سمات اعتبرها المسؤولون البريطانيون ضارة لجهودهم في إقامة دولة حديثة في العراق. وأدت هذه الأوصاف في النهاية بالمسؤولين البريطانيين إلى اتخاذ خطوات نشطة لإزالة زعماء الديانات الشيعية من الخطاب المدني في العراق ودعم حكومة محلية حيث تم منح السنّة معظم المناصب الحكومية على الرغم من أنهم يشكلون أقلية من إجمالي سكان العراق. وتستمر بريطانيا في نهج سياسة التهديد والوعيد والقتل والنفي التي استخدمتها بلا تردد ضد شعب بلاد الرافدين بهدف تأمين مصالحها الخاصة. فيأتي الجزء الرابع من الموسوعة الذي يحمل عنوان ” سياسة بريطانيا لنزع سلاح عشائر الفرات الأوسط قبل وبعد ثورة 1920 الكبرى” ليتطرق إلى سياسة بريطانيا في نزع سلاح المقاومة. وترى بريطانيا التي واجهت مقاومة معادية للاستعمار والاحتلال العسكري البريطاني- ترى بأن حصول الثواّر على الاسلحة يمثل تهديداً ليس للإحتلال البريطاني فحسب بل يمثل تهديداً إقليمياً أيضاً، الأمر الذي جعل نزع سلاح العشائر أمراً حتمياً لتحقيق أهداف الإستعمار البريطاني. وأدت ثورة صيف 1920 إلى زيادة حدة الخطاب وسرَّعَت خطط بريطانيا لنزع السلاح في العراق. ومع اقتراب الثورة من نهايتها في منتصف أكتوبر ، تم نقل السير أيلمر هالدين من راينلاند إلى بلاد ما بين النهرين وعينّه وينتسون تشرشل الضابط العام والقائد العام للقوات المسلحة في بلاد ما بين النهرين. وكان هدفه قمع ونزع سلاح مقاومة الاحتلال البريطاني من طريقِ حملة هالدين لنزع سلاح عشائر الفرات الأوسط والتي كان من بين أهم أهدافها – بحسب هالدين- ” معاقبة أولئك الذين قاتلوا ضدنا [بريطانيا] ، وحِرمان كل من يمتلك مثل هذه الأسلحة والبنادق من إستخدامها لحماية أنفسهم” ، مضيفاً أنه كان هناك 300000 بندقية في بلاد ما بين النهرين في عام 1920 ، منها 50.000 أو 60.000 في أيدي القبائل العراقية. ويرى هالدين أنه من الضروري نزعها بأي وسيلة كانت لتأمين الحكم البريطاني لبلاد ما بين النهرين. فيما يركز الجزء الخامس من الموسوعة الذي يحمل عنوان ” الإدارة البريطانية في العراق وتأثيرها على ثورة العشرين”، يركّز على الإدارة البريطانية المدنية والعسكرية لبلاد ما بين النهرين وكيف أثرت تلك الادارة في إندلاع ثورة العشرين الكبرى ضد الإحتلال البريطاني. وفي هذا الجزء، يمكن للقاريء تتبّع النهج البريطاني في الشرق الأوسط عموماً وفي بلاد ما بين النهرين إبان إندلاع الحرب العالمية الأولى، وكيف كانت بريطانيا العظمى بحاجة إلى حماية مصالحها النفطية في إيران. وفي هذا السياق ، احتل البريطانيون الجزء الجنوبي من بلاد ما بين النهرين في تشرين الثاني 1914 ، من أجل تأمين وحماية حقول النفط الإيرانية القريبة من البصرة ، في جنوب بلاد الرافدين. ويُظهِر هذا الجزء بأن ما كان في البداية احتلالًا تكتيكيًا بريطانيًا ، أصبح فيما بعد إدارة بريطانية دائمة للبلاد بأكملها منذ عام 1918. وقد كانت السنوات ما بين 1918 و 1920 مهمة جدًا لفهم وضع العرب في بلاد ما بين النهرين ، والسياسة البريطانية من خلال إدارتهم للبلاد. وأدَّت الأحداث المحلية والدولية إلى إندلاعِ ثورة في بلاد ما بين النهرين خلال صيف عام 1920.وينتقل الكتاب لتسليط بعض الضوء على الثورة العراقية الكبرى التي اندلعت عام 1920 نتيجة لتلك السياسات البريطانية وفشل الإدارة البرطانية في العراق، وكيف أجبرت الثورة العراقية البريطانيين على تغيير أساليب إدارتهم في العراق. ويمضي المؤلف بالقول بأن بريطانيا تمكَنت عسكريًا من قمع الثورة بعد خسارة مئات الجنود، لكنَّ الثورة أصبحت مكلّفة للغاية بالنسبة للانتداب الجديد ، الأمر الذي جعل بريطانيا العظمى تعيد تشكيل إدارتها الاستعمارية، مضيفاً أن الثورة كانت نصراً سياسياً لشعب بلاد ما بين النهرين ، فقد منحتهم مزيدًا من فرص الوصول إلى الإدارة العامة ووضعت الجذور للاستقلال اللاحق. الجزء السادس والأخير من الموسوعة ” الإحتلال البريطاني والثورة الكبرى في جنوب العراق” يتحدث بالتفصيل على الثورة العراقية الكبرى التي إندلعت في الفرات الأوسط وعن دور مراجع الدين الشيعة في إشعال فتيل تلك الثورة التي قادها رجالات عشائر الفرات الأوسط. ويركز هذا الجزء على طرق تفاعل السلطات المدنية والعسكرية البريطانية مع الأنماط السياسية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة الفرات الأوسط للإجابة على سلسلة من الأسئلة المترابطة حول السلوكيات التي حاولت الإدارة المدنية من خلالها حكم الفرات الأوسط ، وكيف أثرت جهودهم على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المنطقة. كما سيسلط الضوء على رد فعل الجهات الفاعلة المحلية للجهود البريطانية لحكم الفرات الأوسط ، والتي قادت إلى حدوثِ ثورةٍ مسلحةٍ واسعةِ النطاق واضطراب سياسي في عام 1920. علاوة على ذلك ، يسلط العمل الضوء على عواقب هذه الثورة على البريطانيين ، وعلى نتائجها على المجتمع المحلي في الفرات الأوسط. ويرى مؤلف الكتاب بأن الاحتلال البريطاني وعملية مزج مكونات بناء الدولة مع الجهود المبذولة لاستخراج الموارد المحلية والقوى العاملة لتحقيق أهداف عسكرية جعلت البريطانيين في صراع مع شرائح مختلفة من المجتمع المحلي ، بما في ذلك رجال الدين الشيعة والسادة وشيوخ القبائل ودوائرهم. الموسوعة صدرت ضمن مشروع 100 كتاب الذي أطلقته جمعية المترجمين العراقيين وهي الرائدة في تبني هكذا مشاريع بهدف تعزيز الواقعين الترجمي والثقافي في العراق العزيز. دعوة لاعضاء الهيئة العامة للمساهمة في هذا المشروع الكبير.