ندوة ثقافية بعنوان ” الفرقة السمفونية العراقية – التحديات والطموحات والتوصيات” للمحاضر الدكتور قاسم الاسدي

بسم الله الرحمن الرحيم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 
نظمّت جمعية المترجمين العراقيين يوم أمس السبت 02-02-2019 

 ندوة ثقافية بعنوان ” الفرقة السمفونية العراقية – التحديات والطموحات والتوصيات” على قاعة عناد غزوان إسماعيل في مقر الجمعية. حاضر في الندوة الدكتور قاسم الأسدي. 
 أستهل الاسدي محاضرته – بعد الترحيب بالضيوف الكرام- بتقديم نبذة عن تاريخ الموسيقى في بلاد الرافدين من خلال عرض أفلام فيديو لمعزوفات أصلية من أرض سومر وبابل وآشور. ووضح الدكتور الأسدي بأن المقطوعات الموسيقية تمثل نوتات حقيقية ونصوص تم العثور عليها مكتوبة على ألواح طينية قام العلماء في الغرب بفك رموزها وتلحينها وغنائها وهي تعود الى الحضارات السومرية والبابلية والاشورية. كما قّدم المحاضر فلما لاغنية من ملحمة كلكامش يغنيها باللغة السومرية الاصلية بصحبة آلة ” الكيشكودي” السومرية برنغل. 
في تلك الأيام. في تلك الأيام الخوالي 
وفي تلك الليالي. 
في تلك الليالي الخوالي 
وفي تلك السنوات 
تلك السنوات الخاليات 
في تلك الأيام الخوالي 
حينما خلق كل شيء
في الزمن القديم. 
وضع كل شيء في مكانه. 
حينما تم تذوّق الخبز لأول مرة 
في المعبد المقدس 
حينما تم أيقاد النار في 
التتّور. 
وحينما فتقت السموات عن الأرض
وحينما فتقت الأرض عن السماء 
 حينها خلق البشر .

ثم عرّج المحاضر على استعراض تاريخ الفرقة السمفونية العراقية التي قال بأنها تأسست عام 1959 رسميا ضمن تشكيلات وزارة التربية لتنتقل بعد ذلك وتصبح ضمن تشكيلات وزارة الثقافة. وقال الاسدي بأن الدور الذي تلعبه الفرقة السمفونية – وهي واجهة العراق الحضارية – شبيه بدور المترجم العراقي- أي الوسيط الحضاري أو الجسر الحضاري- لان كلاهما يعمل على ربط حضارة العراق بالحضارات الأخرى والعكس بالعكس. فعندما تقوم الفرقة السمفونية بعرف معقطوعات لمؤلفين أجانب انما تقوم بتعريف المستمع العراقي بتلك الحضارات الغربية وحينما تعزف مقطوعات لنتاجات عراقية أوركستراليا فانها تقوم بتعريف الغرب بالحضارة والتراث الموسيقي العراقي الذي تمتد جذوره الى قرابة 7 آلاف سنة ماضية. قدمت الفرقة السمفونية العراقية على مدى مسيرتها الفنية اعمالا موسيقية غاية في التميز ، وامتد نشاطها الفني خارج العراق حيث قدمت حفلات عديدة في كل من بيروت ، وعمان ، وروسيا ، واذربيجان ، ..دبي.. والولايا ت المتحدة الأمريكية. 
كما قدمت الفرقة  مؤلفات الموسيقيين العراقيين المعاصرين باسلوب سيمفوني وعملت على تنويع التراث العراقي وتقديمه بشكل اوركسترالي وهناك تجارب ناجحة لهكذا اعمال لمؤلفين مثل محمد أمين عزت ،عبد الامير الصراف ، جون بشير ، منذر جميل حافظ ، عبد الرزاق العزاوي ، محمد عثمان ، حسام الدين الأنصاري ، علي خصاف ، نبيل هاني ، زيد عثمان ، مهند فؤاد) وغيرهم.

بعد ذلك سلّط الدكتور الاسدي الضوء على أهم التحديات التي واجهتها الفرقة السمفونية الوطنية العراقية خاصة في أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق اذ تعرضت مكتبتها الموسيقية الى أعمال حرق ونهب وسلب الامر الذي تسبب بضياع أرشيفها الموسيقي- فضلا عن هجرة عدد غير قليل من أعضاء الفرقة أيام العنف الطائفي وتعرض آخرين الى مضايقات وتهديدات. بالإضافة الى ذلك تعاني الفرقة من ضعف الاهتمام الحكومي وقلة الدعم المادي وحتى المعنوى لها فلا تمتك الفرقة مكانا للتدريب أو لتقديم عروضها الفنية. 
ولكن بالرغم من تلك التحديات الجمة،  تمكنت الفرقة السمفونية العراقية – التي تناوب على قيادتها كبار العازفين من النمسا وهنغاريا وألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية وبولونيا والاتحاد السوفيتي السابق ومن العراق في الوقت الحاضر من ابرزهم : محمد أمين عزت ، عبد الرزاق العزاوي ، و محمد عثمان صديق ، وغيرهم من كبار الموسيقيين في العراق- تمكنت الفرقة من النهوض مرة أخرى لتعود وتحتل مكانتها الكبيرة في مصاف الفرق السمفونية العالمية . وبدأت تقدم العروض الموسيقية في أماكن مختلفة كان آخرها الحفل الذي قدمته في المسرح الوطني في يوم 25-12-2018. 
 وقد تخلل الحديث عن الفرقة السمفونية الوطنية العراقية تقديم فيديوات لمقطوعات موسيقية للفرقة السمفونية العراقية منها بحيرة البجع وحلاّق اشبيلية وآخر رجال الموهيكانز وشهرزاد لنيكراسوف فضلا عن تقديم معزوفات تراثية مثل جا وين أهلنا و مرو بينا مر وغيرها من التراثيات. 
 وفي نهاية الندوة فتح باب المداخلات للجمهور الذين أثنوا على جمعية المترجمين العراقيين على هكذا مبادرات وطالبوا الدكتور الاسدي بإعادة تقديم الندوة مرة أخرى بعد دعوة ممثلين عن وزارة الثقافة والفرقة السمفونية. وقد وعد المحاضر بالاستجابة لهذه المطالبات. 
ومن أهم التوصيات التي خرجت بها الندوة : 
11- أن تولي وزارة الثقافة والاعلام الاهتمام الحقيقي بالفرقة وأعضائها كونها تعكس الواجهة الحضارية للعراق. 
2- أن يتم بناء دار أوبرا يكون مكانا للفرقة السمفونية وغيرها من الفرق الفنية العراقية الاصيلة. 
33- العمل على دعم الفرقة السمفونية العراقية ماديا ومعنويا لتعود الى صدارة الفرق في المنطقة لا سيما وأنها من أول وأقدم الفرق السمفونية في المنطقة وتتمتع بسمعة طيبة دوليا. 
44- ضرورة الحفاظ على التراث الموسيقى العراقي واستحداث فرق تفتيش خاصة لوقف التهديد الحقيقي لتراثنا الموسيقى المتمثل بالمستوى الهابط من الموسيقى والأداء.وستقوم جمعية المرجمين العراقيين برفع هذه التوصيات الى وزارة الثقافة باعتبارها الراعي الحقيقي للفرقة السمفونية الوطنية العراقية لا سيما وان وزارة الثقافة سباّقة وراعية لكل مفاصل الثقافة والأدب والابداع في العراق