بين تولستوي وغوغل: البعد الاجتماعي للأدب في كتابات محمد يونس للمحاضر الدكتور قاسم الأسدي

ندوة ثقافية في جمعية المترجمين العراقيين بعنوان: 
بين تولستوي وغوغل: البعد الاجتماعي للأدب في كتابات محمد يونس
 للمحاضر الدكتور قاسم الأسدي

عقدت جمعية المترجمين العراقيين يوم أمس السبت ندوة بعنوان بين تولستوي وغوغل: البعد الاجتماعي للأدب في كتابات محمد يونس. 
حاضر في الندوة الدكتور قاسم الأسدي وأدار الندوة الدكتور طالب السعيد من قسم اللغة الروسية في كلية اللغات جامعة بغداد. 
حضر الندوة جمع من المثقفين والأكاديميين والمترجمين. 
 في بداية المحاضرة تحدث الدكتور طالب السعيد عن المرحوم الأستاذ الدكتور محمد يونس في اثناء عملهما معا في قسم اللغة الروسية في كلية اللغات جامعة بغداد، وأكد بأن محمد يونس كان كريم الخلق متواضع وذي علم ومعرفة . 
 ثم ابتدأ الدكتور الأسدي المحاضرة بتقديم نبذة عن السيرة الذاتية للدكتور محمد يونس منذ ولادته في مدينة الكاظمية عام 1937 حتى حصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة موسكو عام 1972 وعودته للعراق للتدريس في قسم اللغة الروسية في جامعة بغداد . 
بعدها انتقل المحاضر الدكتور الأسدي للحديث عن أهم أعمال محمد يونس وهي : 
 تورغينيف – ضمن سلسلة أعلام الفكر العالمي – 1975—
 غوغل – ضمن سلسلة أعلام الفكر العالمي – 1976—
 مدخل الى الأدب الروسي في القرن التاسع عشر – 1978—
 فن الأدب الروائي عند تولستوي – ترجمة- 1981—
 الكلاسيكيون الروس والأدب العربي- 1985.— 
 فضلا عن عشرات المقالات النقدية.——

ومن ثم عرّج المحاضر على أهم صفات محمد يونس كما يراه الأخرون :

1. كريما سخيّا لا يتكلّف أمرا في حركة أو كلام. 
2. يشعر الطلبة بأنه قريب منهم ويحدثهم من غير استعلاء. 
3. حديثه كلّه علم وذوق للأدب ومداره الأجتماعي. 
44. كان مثالا للعراقي ذي العلم والصدق والأخلاص حينما سافر خارج العراق فنال الاحترام الذي يستحقه. 
55- ذو فضل وعلم وكريم خلق ومتواضع.

تحدث بعدها الدكتور الأسدي عن فكر محمد يونس الذي كان يرى في الأدب رسالة اجتماعية قبل كل شيء ، لأن دور الأدب عند يونس يتمثل في تنقية المجتمعات وتخليصها من المشكلات والتناقضات التي تعصف بها فضلا عن رفع الوعي لدى الانسان وتنويره لما هو صالح- وكيف وجد يونس ما يريد في الأدب الروسي وبخاصة الكتاب الكلاسيكيين من أمثال تورغينيف وغوغل وتولستوي ودوستويفسكي وغيرهم. يقول محمد يونس في الأدب الروسي: 
يتميز الأدب الروسي في القرن التاسع عشر بجوانبه الفكرية الخاصة وبطابعه الانساني الواضح ، فالى جانب عمق المحتوى الذي يتناول فيه مشاكل المجتمع في تلك الحقبة من الزمن ، يتسم الادب الروسي بالسمة الانسانية التي يعالج فيها مشاكل الفرد ضمن أطر أبزر ما فيها شموليتها التي يمكن أن تنطبق على مجتمعات أخرى غير المجتمع الروسي ، وهذا هو سر بروز الأدب الروسي وخلود أعلامه ومشاهيره.

وأضاف الدكتور الأسدي بأن محمد يونس أولى اهتماما أيضا بالأدب المقارن – الذي درّسه في كلية الآداب في جامعة بغداد- لانه يعتقد بأن دراسة الادب المقارن ” هي عبارة عن عملية مد الجسور بين كل الشعوب من خلال آدابها ، خصوصا اذا كنا نؤمن بأن الأدب العالمي ككل هو نتاج مشترك لكل شعوب العالم عبر قرون وأجيال كثيرة ، باعتباره جانبا من جوانب الحضارة العالمية التي تكونت نتيجة تجارب مختلف شعوب العالم وبمساهماتها المتعددة الأشكال والصيغ.”
 وسلط المحاضر الضوء على توجه الدكتور محمد يونس في رفض التسلط الأقطاعي واستبداد السلطة ، برغم الضغوطات الهائلة التي تعرّض لها آنذاك هو وزميلته حياة شرارة. وأضاف المحاضر بأن محمد يونس يرى بان ادباء القرن التاسع عشر في روسيا قد عكسوا مشكلات مجتمعهم التي هي أقرب الى مشكلات مجتمعنا العربي حيث التسلط القطاعي ، واستبداد السلطة الأوتوقراطية ، وهذه كلها من صفات المجمع العربي- وهذا ما جعل الأدب الروسي قريب الى نفس القارئ العربي ، حيث أن التفاعل بينه وبين نتاجات الادباء الروس يتم بشكل أسرع مما يحدث مع بقية الآداب الأخرى. 
 وتطرق المحاضر الأسدي الى آراء النقاد في أعمال وفكر محمد يونس منهم الدكتور ضياء نافع الذي يعتقد بأن محمد يونس أظهر شجاعة واضحة في تناوله لموضوعة الأدباء الكلاسيكيين الروس في كتابه “الكلاسيكيون الروس ” اذ يقول في كتابه ، الذي يعتبره أفضل مصدر في المكتبة العربية والعراقية :

تبقى شجاعة الباحث العراقي واقتداره شاخصة امام القارئ في موضوع كنا نؤدي فيه دائما تقريبا دور المتلقي وليس دور المشارك على قدم المساواة في عملية تناول تلك المواضيع وتحليلها , وفي هذه النقطة بالذات تكمن – في رأي د. ضياء – اهمية الكتاب وقيمة الدكتور محمد يونس العلمية , اذ انه اعطانا كلمة شجاعة و مبتكرة وجديدة واصيلة كليا في موضوعة الادب الروسي في العراق, لم يسبق ان قالها اي واحد منٌا سابقا. 
 وينتقل بعدها الدكتور قاسم الأسدي الى رأي الناقد سعيد عدنان في الدكتور محمد يونس – وهو يرى بأن الأخير هو شخص نشأ على ان الأدب ذو رسالة اجتماعية:

يقول سعيد عدنان في مقالة له في الحوار المتمدن:

كان محمّد يونس ممّن نشأ على أن الأدب ذو رسالة اجتماعيّة ، وأنّ ممّا يرمي إليه ؛ أن يزيد من وعي الناس ، ويرتقي بهم فكراً وذوقاً ، وأنّ الجمال غير مفصول عن الخير ؛ فلمّا أُتيحت له دراسة الأدب الروسيّ في موسكو ؛ زاد الأمر وضوحاً لديه ، وأخذ ينظر في الأدب والأدباء بمنظار منه . 
 وقد كان ذلك ممّا بنى كيانه بناء رصيناً ، وجعل معنى الأدب والفكر عنده موصولاً بمعاني العدالة الاجتماعيّة ، وسلامة الموقف منها. 
 ولم يتردد الدكتور محمد يونس بالاتصال بمن سبقوه من الكتاب العراقيين من أمثال غائب طعمة فرمان للوقوف على آرائهم في الأدب الروسي وقد أكّد غائب طعمة فرمان في رده على رسالة محمد يونس بأنه من أشد المتأثرين بأدب تولستوي – فهو- تولستوي- من علمّه كيف يخطط للرواية قبل أن يكتبها ، وهو من اؤلئك الذين يصف ادبهم – بحسب فرمان ، بالسحر الحلال. 
واختتم الدكتور قاسم الأسدي المحاضرة بمجموعة من التوصيات منها : 
11 – تقوم جمعية المترجمين العراقيين وقسم اللغة الروسية في كلية اللغات باعداد راسات نقدية لمؤلفات محمد يونس وحياة شرارة باللغة الروسية لتعريف القارئ الروسي بهما. 
22- نوصي بأن يكون محمد يونس وحياة شرارة أيضا- موضوعا لرسالة ماجستير- وهو مقترح سبق وأن تقدم به الدكتور ضياء نافع – لما لهما من أهمية ودور كبير في رفد المكتبة العراقية والعربية بأعمال عن الأدب الروسي.

وفي نهاية المحاضرة عرض فلم وثائقي نادر عن تولستوي يظهر كيف أنه تخلى عن عالمه الارستقراطي ليعيش مع الطبقة الفلاحية في رسالة واضحة لرفضه للاستبداد والتسلط والحكم القيصري.ثم افتتح باب النقاش والمداخلات للسادة الحاضرين الذين أغنوا الندوة بنقاشاتهم المفيدة.