خلافة محمد: دراسة في الخلافة المبكرة : للمستشرق الالماني ويلفريد مادلونغ

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد سنوات من الانتظار

الكتاب الأكثر جدلاً في التاريخ الإسلامي المبكر

خلافة محمد: دراسة في الخلافة المبكرة

للمستشرق الالماني ويلفريد مادلونغ

ترجمة: د. قاسم محمد حسن الاسدي

عدد صفحات الكتاب: 520 صفحة.

الكتاب من اصدار مركز البيدر

طبع الكتاب بالاتفاق مع جامعة كامبريدج

الموزع الحصري للكتاب: دار ومكتبة عدنان.

نبذة عن الكتاب:

كان المخطط للكتاب الحالي في البداية أن يكون بمثابة دراسة عن طبيعة الخلافة عند تأسيسها وخلال مرحلتها الأولى، قبل تأسيس الحكم الأموي، وبالحد الأدنى من مناقشة الأحداث والأشخاص الذين يحددون تطور الخلافة. ويبدو أن غياب الثقة الكبير لدى معظم المؤرخين الغربيين فيما يتعلق بالمصادر الأدبية الإسلامية في العصر المبكر للإسلام يشير إلى اقتصار البحث على عدد قليل من الأحداث البارزة التي لا يوجد نزاع جدي حول حقيقتها، إن لم يكن حول تفسيرها. ومع تقدم البحث، أصبح من الواضح أن اتباع هذا النهج لن ينصف الموضوع. فمسألة الخلافة مرتبطة بشكل معقد للغاية بالكثير من أحداث التاريخ الداخلي للمجتمع الإسلامي المبكر – موضوع البحث – ولا يمكن مناقشتها من دون فهم متين لذلك التاريخ بناءً على أسس صلبة وليس على تأملات موجزة. إن العمل على المصادر السردية، سواء تلك التي كانت متاحة للمؤرخين لفترة طويلة أو تلك التي نُشرت مؤخراً، أوضح أن رفضها بالجملة باعتبارها سرداً متأخراً هو أمر غير مبرر، وبأن الاستخدام الحكيم لتلك المصادر يمكننا من رسم صورة ذات مصداقية ودقة أكبر لهذه الفترة أكثر مما تم تحقيقه حتى الآن.

وفي مقدمته التي وضعها للكتاب، تحدث المترجم عن المنهجية التي اعتمدها في ترجمته لهذا الكتاب المهم وعن أهم التحديات التي واجهها وسبل تذليلها ، نقتبس هذا الجزء من مقدمة الكتاب للمترجم الدكتور قاسم الأسدي:

تحديات جمّة تلك التي واجهتها في رحلتي التي ابتدأتها لترجمة هذا الكتاب الذي يتحدث عن فترة مهمة جداً وحسّاسة جداً في التاريخ الإسلامي وهي فترة خلافة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلّم.

ويأتي في طليعة هذه التحديات قضية التحقق من الروايات التي ينقلها مؤلف الكتاب عن المصادر التي استخدمها – العربية منها والأجنبية. وهذا الأمر جعل من مهمتي تتعدى حدود الترجمة إلى التحقيق. ولا يخفى على القارئ الكريم أهمية التحقيق في التثبت من الرواية واستيفائها لشرائطه ليس فقط في التحقيق في عنوان الكتاب واسم المؤلف ونسبة الكتاب إلى مؤلفه فحسب، بل – وهذا الأهم – التحقيق في متن الكتاب المنقول منه كي تظهر الرواية بقدر الإمكان مقاربة لنص مؤلفها. وهذا ما حرصت عليه كثيراً وتطلب مني ذلك جهداً مضاعفاً ووقتاً مضاعفاً كنت أمضيه في تصفح المصادر التي استخدمها المؤلف بهدف الوصول إلى الرواية التي نقلها من تلكم الكتب. وهنا أيضا اصطدمت بجملة من التحديات على رأسها مطابقة النص الإنجليزي مع نص الرواية المنقول منها باللغة العربية لأن المؤلف في كثير من الأحيان لا يقتبس النص كاملاً بل يجتزأ النص أحياناً، أو يقتبس بعض الأسطر من بداية النص ويدمجها مع بعض الاسطر من نهاية النص بهدف إيصال الفكرة التي يروم إيصالها إلى القارئ. وهنا أود الإشارة إلى أنني في قضية التحقيق لم يكن هدفي – كما هو هدف محققي الروايات والمخطوطات- الوصول إلى اليقين والتدقيق في الروايات من حيث تواترها وتجميع القرائن القطعية وأسانيدها- لإن ذلك كله يقع خارج نطاق عمل المترجم. بل كان التركيز على مطابقة النص المترجم مع النص الأصل الذي نقل عنه المؤلف- فبذلت عناية خاصة وحرصاً كبيراً على مطابقة النصين تماماً لإن المؤلف غالباً ما يقتبس النص الأصلي إما بحذفٍ أو بإضافةٍ شرحٍ وتفسيرٍ لتعزيز فكرة النص الأصلي الذي يقتبسه.

ولأن المؤلف يعتمد اعتماداً كبيراً على النص القرآني في بحثه في قضية خلافة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلّم فإنه يلجأ كثيراً إلى الاقتباس من القرآن الكريم لدعم فكرة ما يريد تقديمها للقارئ لكنه في أحيان كثيرة لا يذكر نص الآية ( الآيات) كاملاً بل يقول ” كما تشير إلى ذلك الآية 3 من السورة رقم 4 في القرآن.” لكنني في عملية الترجمة لم أعمد إلى ذات نهج المترجم في الاقباس القرآني بل ذهبت إلى الإشارة إلى رقم الآية واسم السورة القرآنية وليس رقمها فحسب واقتباسها في بعض الأحيان لتسهيل الأمر على القارئ.

وتمثل التحدي الآخر في ترجمة الأسماء التي ترد في هذا الكتاب من أسماء الأشخاص والأماكن والمواقع والحروب وغيرها من الأسماء. وأشير هنا إلى عملية النقحرة – أو ما يطلق عليه باللغة الإنجليزية ( Transliteration) والتي استخدمها المؤلف وطريقته في نقحرة الأصوات العربية إلى الإنجليزية. ففي مرات كثيرة لا ينجح المؤلف في نقل الاسم بصيغته الصحيحة المضبوطة كما هو فعلاً في اللغة العربية – الأمر الذي يتطلب جهداً إضافياً يبذله المترجم في التحقق من دقة الاسم وصحته. وقد وردت أسماء أماكن كثيرة في فصول الكتاب لم يتمكن المؤلف من نقلها بشكلها الصحيح تطلب التحقق منها وقتاً ليس بالقليل حتى بوجود كنز المعلومات على الشبكة العنكبوتية. على سبيل المثال، ضيعة نشاستج قرب الكوفة التي يملكها عروة بن شييم، واسم والد طلحة– شييم- أيضا كان من الأسماء التي مثلت تحدياً للمؤلف في نقحرتها، و بلدة دباها، في أعالي الفلوجة، وخربيطة وعانات وعديسة وقرقيسية ونصيبين والحوأب وغيرها من أسماء المدن والأماكن القديمة. ومن الأسماء التي صعب على المؤلف نقلها، على سبيل المثال لا الحصر، ذو الكلاع سُميفع بن ناكور، وشرحبيل بن ابرهة، ومعدي كُريب والاخوة الأربعة بين ثوار مصر، كُريب، وأبو رشدين وأبو شُمير، ومعدي كُريب، وأختهم كُريبة، والسيابيجة والقائمة تطول.

لم يفت المؤلف نقل الشعر الذي كان يمثل سلاحاً فتّاكاً في الفترة التي أعقبت وفاة الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام، والذي عمد إلى ترجمته نثراً وليس شعراً بسبب صعوبة ترجمة الشعر شعراً لأسباب لا مجال لذكرها في هذه المقدمة. وكما سيرى القارئ، يضم الكتاب في متنه قصائد شعرية كثيرة إما بمدح أو ذم أو ارتجاز في حرب أو قصائد ندب وغيرها. وهنا كان لا بد لي من البحث في دواوين الشعر التي تعنى بالشعر القديم ولشعراء الفترات الزمنية التي يغطيها الكتاب للتحقق من القصيدة أو ابيات الشعر التي يقتبسها المؤلف والتي ترجمها نثراً، وإعادة القصيدة الشعرية أو بيت (أبيات) الشعر إلى نصّها الأصلي – مع الحرص على نقل الأبيات التي يقتبسها المؤلف فقط لأنه في أحيان كثيرة يقتبس بيتاً أو بيتين من قصيدة طويلة. وتطلب هذا الأمر أيضاً جهداً كبيراً جداً.

ختاماً، أود القول أن ترجمة الكتاب الحالي مثّلت تحدياً كبيراً ولكن ممتعاً ومفيداً جداً بالنسبة لي. وفي أثناء رحلتي الترجمية لهذا الكتاب، توجّب علي ضمان أعلى مستويات الدقّة في ترجمة دلالات النصوص والمفاهيم الواردة في الكتاب لضمان ترجمة صحيحة لها. وهنا تبرز أهمية أن يكون المترجم على دراية بلغة النصوص الدينية – التاريخية – الثقافية إن صح التعبير- وأن يمتلك المهارات اللازمة لتفسير وتحليل الخطاب الديني وفك شفراته. والله من وراء القصد.