“العربي الجديد تحاور د. قاسم الأسدي

“العربي الجديد تحاور د. قاسم الأسدي

زاوية مع غزةحكومات عربية كأن على رؤوسها الطيرالعربي الجديد تحاور د. قاسم الأسديـ تقف هذه الزاوية مع مبدعٍ عربي في أيام العدوان على غزة، وكيف أثر في إنتاجه وحياته اليومية وبعض ما يود مشاركته مع القراء.” المجال الإبداعي: فعلٌ نضالي وإنساني و تاثيره أمضى من السياسة” يقول المترجم العراقي في حديثه إلى العربي الجديد■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟ـ بسم الله الرحمن الرحيمبداية أتوجه بالشكر للعربي الجديد على هذه الإلتفاتة المهمة التي من شأنها أن تحرك ضمائر ربما تجاهلت أو تتجاهل أو اعتادت على مشاهد القتل الوحشي والإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهلنا في فلسطين لا سيما أهل غزة – أطفالاً وشباباً ونساء ورجالاً. التحرك لنصرة الغزاويين ما فارق عقلي ولا قلبي ولا مشاعري. و الحق أقول أن العين لتدمع والقلب ليحزن وأنا أشاهد أطفال ونساء وشباب وشيب غزة تقطّع أشلاءهم وأجسادهم بهمجية ووحشية لم يشهدها التاريخ الحديث ولا القديم. والألم يعتصرني وأنا أرى المجتمع الدولي قد إتخذ موقف المتفرج– بل لم يحرّك ساكناً لوقف الإبادة الجماعية لأهل غزّة. والأكثر إيلاماً بصدق هو موقف الحكومات العربية التي صمتت وكأنّ على رؤوسها الطير. فإذا بها تميل نحو القاتل الصهيوني تسانده ضد المقتول.■ كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟أصابني بالشلل. شخصياً أترأس مؤسسة علمية ثقافية رائدة في العراق وهي جمعية المترجمين العراقيين والتي اعتادت اسبوعياً أن تنظم فعاليّات ثقافية وعلمية متنوعة في الترجمة والأدب والشعر والمسرح والموسيقى وتعليم اللغات وغيرها من الفنون والآداب. ولكن العدوان الصهيو-أمريكي على غزة قد أثّر كثيراً في قدرتي على تنظيم هذه الفعاليات بسبب الألم الذي أصابني جرّاء الدماء البريئة التي تٌسفك دون ذنب. مثال بسيط – لدينا نادي أسمه نادي سينما الطفل وكنا قد خططنا لعرض أفلام وتنظيم مهرجانات ترفيهية للأطفال خلال عطلة نصف السنة الإّ أنني علّقت هذه الفعاليات تضامناً مع أطفال غزة الذين تُبيدهم آلة الصهاينة بالمئات يومياً. ■ إلى أي درجة تشعر أن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟بالتأكيد لأي عمل إبداعي دور كبير وكبير جداً في رفض المظالم والاعتداءات وكل أنواع التجاوزات. فالشعر والمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية والرواية والقصة تلعبُ كلّها دوراً كبيراً في تغيير المواقف والضغط على أصحاب القرار لرفض أي تجاوزات وانتهاكات ضد القيم الإنسانية. ولذلك نرى أن مئات الآلاف من الفنانين والمطربين والرسامين والشعراء والفلاسفة والكتّاب وقد وحدّتهم انسانيتهم وصدحت أصواتهم عالياً في رفض الإبادة الجماعية لسكان غزّة وشكلوّا ضغطاً كبيراً على حكوماتِهِم وبخاصة في أمريكا وأوربا التي لم تتوقف حكوماتها عن مساندة العدوان الصهيوني الوحشي ضد سكان غزة.■ لو قيّض لك البدء من جديد، هل ستختار المجال الإبداعي أو مجالاً آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟المجال الإبداعي – الذي هو بالأساس فعلاً نضالياَ وإنسانياً- أمضى وأكثر تاثيراً من العمل السياسي. هذا ما اخترته وما سأختاره. و لأنَّ الترجمة إبداعٌ مقاوِم ، أصدرتُ في الإسبوع الثالث من العدوان الصهيو- أمريكي الوحشي كتاب بعنوان ” قصائد غربية مناهضة لحرب الإبادة الجماعية على غزة” والذي لاقى صدى كبيراً في العالم العربي لأنّه صدر في الوقت المناسب بعد أن تناقلته وسائل الإعلام المحلية والعربية. ويضم الكتاب في قسمه الأول توثيقاً لأهم التحركات والتظاهرات والتجمعات التي طافت العالم رفضاً للإبادة الجماعية لسكان غزة. فيمت ضّم القسم الثاني منه قصائد مترجمة الى العربية لشعراء من أمريكا وروسيا واستراليا ونيوزلندا والهند ومن أوربا أعلنوا فيها عن مساندتهم لغزة وأطفالها ضد ما أسموه علناً حرب الإبادة الجماعية. وقد أهديتُ الكتاب لأطفال غزّة- وهو أقل ما يمكن تقديمه. ■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟العدالة والمساواة وتطبيق حقوق الإنسان والتخلص من سياسات الكيل بمكيالين والنظر بعين واحدة. نعرف كيف ينظر الغربيون إلى غزّة وكيف ينظرون إلى ” اسرائيل” أو إلى أوكرانيا. أحد تقارير الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان، يقتبس من عهد الإمام علي عليه السلام إلى مالك الأشتر ما نصّه:” وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق.” ولذلك أتمنى على الغرب- وأنىّ لهم ذلك- وقف سياسة المعايير المزدوجة مع شعب فلسطين وبخاصة أهل غزّة الذين يعيشون في سجنٍ مرعبٍ منذ أكثر من 75 عاماً. ليتهم يطبّقوا ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بصدق دون تسويف.■ شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودّ لقاءها، وماذا ستقول لها؟في كل الأحوال سأود لقاء الحسين بن علي بن أبي طالب مقاوماً ورافضاً للذلّ والظلم والعدوان وهو الذي قال كلمته ” هيهات منّا الذلة”. فالحسين موقف وكلمة. وهنا أقتبس ما قاله الكاتب المسرحي الكبير عبد الرحمن الشرقاوي في مسرحيته ” الحسين ثائراً”: ” أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة في كلمة، ودخول النار على كلمة، وقضاء الله هو الكلمة، الكلمة لو تعرف حرمة، الكلمه نور، وبعض الكلمات قبور، وبعض الكلمات قلاع شامخات يعتصم بها النبل البشري، الكلمة فرقان ما بين نبي وبغي، بالكلمة تنكشف الغمة، الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة”. ولذلك سنستمر في نثر كلمات الرفض لكل أنواع الظلم والإضطهاد ونصرح كلاّ بوجه الصهاينة وشركائهم في دم أهل غزّة.■ كلمة تقولها للناس في غزّة؟إن خذلكم البعض ممن كنتم عليِهم تعوّلون، فإن شعوب العالم الحرّه بفنانيها وموسيقييها وشعرائها وكتّابها ومفكّريها ومقاوميها ستبقى تطلق صرخاتها المدويّة التي ستهزّ عروش الصهاينة الغاصبين القتلة وهم إلى زوال ” ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا) ■ كلمة تقولها للإنسان العربي في كلّ مكان؟كونوا أحراراً. لا تعوّدوا أبصارَكم وبصيرتكم على مشاهِدِ أطفال غزّة تقطَع أجسادهم. هبّوا لنصرتِهمِ وامنعوا عتاة الصهاينة عن الأطفال والنساء. تُفلحوا. ■ حين سُئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت “رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي”.. ماذا تقول لدارين ولأطفال فلسطين؟ أقول ما قلته لهم في بداية كتابي ” قصائد غربية مناهضة لحرب الإبادة الجماعية على غزة” :يا أطفال غزّة صبرا. ثم أقتبست قول الله العزيز الجبّار” إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيب”